فصل: فَصْلٌ فِي وَقْفِ الْمُشَاعِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.فَصْلٌ فِي وَقْفِ الْمُشَاعِ:

الشُّيُوعُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَقْفِ بِلَا خِلَافٍ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ نِصْفَ الْحَمَامِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقْفُ الْمُشَاعِ الْمُحْتَمِلِ لِلْقِسْمَةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُتَأَخِّرُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاتَّفَقَا عَلَى جَعْلِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ يَحْتَمِلُهَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمُشَاعِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَصَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُخْتَلِفَاتِ كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ ثُمَّ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِسْمَةَ لَا يُقْسَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَهَايَئُونَ وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْكُلَّ لَوْ كَانَ وَقْفًا أَرَادُوا الْقِسْمَةَ بِهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا التَّهَايُؤُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
ثُمَّ إنْ وَقَفَ نَصِيبَهُ مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ فَهُوَ يُقَاسِمُ شَرِيكَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ إلَى وَصِيِّهِ.
وَإِنْ وَقَفَ نِصْفَ عَقَارِهِ فَاَلَّذِي يُقَاسِمُهُ هُوَ الْقَاضِي أَوْ هُوَ يَبِيعُ نَصِيبَهُ الْبَاقِيَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يُقَاسِمُ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى قَوْمٍ مَعْلُومِينَ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَهُمَا أَنْ يَتَقَاسَمَا هَذِهِ الْأَرْضَ فَيُفْرِزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا وَقَفَ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ يَتَوَلَّاهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ وُقِفَ الْكُلُّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْجُزْءُ مِنْهُ بَطَلَ الْبَاقِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مُقَارَنٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُمَيَّزٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَاقِي كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَقَفَ جَمِيعَ أَرْضِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا شَائِعًا وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالنِّصْفِ وَبَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي وَقْفًا عَلَى حَالِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُسْتَحِقَّ كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَتَصَدَّقَا بِهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ الَّتِي يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَدَفْعُهَا إلَى قَيِّمٍ يَقُومُ عَلَيْهَا كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمَانِعُ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ، وَهَهُنَا لَمْ يُوجَدْ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَدَّقَا بِالْأَرْضِ جُمْلَةً وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُمَا سَلَّمَا الْأَرْضَ جُمْلَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَذَلِكَ إنْ تَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَصِيبِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَصَّبَا قَيِّمًا وَاحِدًا فَقَبَضَ نَصِيبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ التَّوْلِيَةَ عَلَى رَجُلَيْنِ مَعًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ جِهَةُ الْوَقْفِ بِأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ غَلَّتُهَا لِلْمَسَاكِينِ وَالْآخَرُ فِي الْحَجِّ يَحُجُّ بِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَسَلَّمَاهَا إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا وَجَعَلَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مُشَاعًا وَالنِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ قَبَضَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَ الْآخَرِ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ حَتَّى إذَا كَانَ لِلَّذِي قَبَضَ نَصِيبَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَيَبِيعَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْأَرْضِ مُشَاعًا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ لِوَقْفِهِ مُتَوَلِّيًا عَلَى حِدَةٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاشَرَ عَقْدًا عَلَى حِدَةٍ وَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَوَلِّيَيْنِ قَبَضَ نِصْفًا شَائِعًا، فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي جُعِلَ مِنْهُمَا مُتَوَلِّيًا فِي نَصِيبِهِ: اقْبِضْ نَصِيبِي مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِي، جَازَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَجُوزُ الْوَقْفُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَيَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَقَفَ مِنْ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ أَلْفَ ذِرَاعٍ، جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ يَزْرَعُ الْأَرْضَ وَالدُّورَ فَإِنْ كَانَتْ أَلْفَ ذِرَاعٍ أَوْ أَقَلَّ كَانَ كُلُّهَا وَقْفًا وَإِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ كَانَ الْوَقْفُ مِنْهَا النِّصْفَ وَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ كَانَ الْوَقْفُ مِنْهَا ثُلُثَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا نَخِيلٌ وَبَعْضِهَا لَا نَخِيلَ فِيهِ يَكُونُ لِلْوَقْفِ حِصَّةٌ مِنْ النَّخِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ وَقَفَ جَرِيبًا شَائِعًا مِنْ أَرْضٍ ثُمَّ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فَأَصَابَ الْوَقْفُ أَقَلَّ مِنْ جَرِيبٍ لِجُودَةِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْوَقْفِ فَزِيدَ فِي ذُرْعَانِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى أَوْ الْعَكْسِ جَازَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَقْفًا، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الدَّارِ فَوَجَدَ مِنْ حِصَّتِهِ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ ثُلُثَيْ الدَّارِ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَقْفًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْضُونَ وَدُورٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَوَقَفَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقَاسِمَ شَرِيكَهُ وَيَجْمَعَ الْوَقْفَ كُلَّهُ فِي أَرْضٍ وَاحِدٍ وَدَارٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فَوَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ مَعَ شَرِيكِهِ اقْتَسَمَا وَأَدْخَلَا فِي الْقِسْمَةِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةً مَعْلُومَةً إنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ يَصِيرُ بَائِعًا شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ بِالدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي أَعْطَى الدَّرَاهِمَ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْوَقْفَ وَاشْتَرَى بَعْضَ مَا لَيْسَ بِوَقْفٍ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالدَّرَاهِمِ فَيَجُوزُ ثُمَّ حِصَّةُ الْوَاقِفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ فَذَلِكَ مِلْكٌ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ فَضْلُ دَرَاهِمَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ أَجْوَدَ مِنْ الْآخَرِ وَجَعَلَ بِإِزَاءِ الْجُودَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الْآخِذُ بِالدَّرَاهِمِ هُوَ الْوَاقِفُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ شَرِيكَهُ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ لَوْحَ الْوَقْفِ عَلَى بَابِهِ فَمَنَعَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ الضَّرْبُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا اخْتَارَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قَرْيَةٌ بَعْضُهَا وَقْفٌ وَبَعْضُهَا مَمْلَكَةٌ وَبَعْضُهَا مِلْكٌ أَرَادُوا قِسْمَةَ بَعْضِهَا لِيَجْعَلُوهَا مَقْبَرَةً لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادُوا قِسْمَةَ الْكُلِّ جَازَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ.

.الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَصَارِفِ:

وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةِ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَكُونُ مَصْرِفًا لِلْوَقْفِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يَكُونُ فَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِ:

الَّذِي يَبْدَأُ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَمْ لَا، ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ وَالْبُسُطِ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ إنْ قَالَ: جَعَلْت غَلَّتَهَا لِفُلَانٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَشَرَطَ الْعِمَارَةَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُنَا يُؤَخِّرُ الْعِمَارَةَ عَنْ حَقِّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِتَأْخِيرِ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْوَقْفِ فَحِينَئِذٍ يَبْدَأُ فِي الْعِمَارَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَيَقْطَعُ الْجِهَاتِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهَا لَهَا إنْ لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ خِيفَ قُدِّمَ وَأَمَّا النَّاظِرُ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ مِنْ الْوَاقِفِ فَهُوَ كَأَحَدِ الْمُسْتَحَقِّينَ فَإِذَا قَطَعُوا لِلْعِمَارَةِ قَطَعَ إلَّا أَنْ يَعْمَلَ فَيَأْخُذَ قَدْرَ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَظْفَرُ بِهِمْ وَأَقْرَبُ أَمْوَالِهِمْ هَذِهِ الْغَلَّةُ فَتَجِبُ فِيهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ رِجَالٍ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ فَهُوَ فِي مَالِهِ أَيِّ مَالٍ شَاءَ فِي حَيَاتِهِ، فَإِذَا مَاتَ فَمِنْ الْغَلَّةِ ثُمَّ الْعِمَارَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ إنَّمَا هِيَ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ بِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وُقِفَ عَلَيْهَا وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَيْسَتْ بِمُسْتَحَقَّةٍ فَلَا تُصْرَفُ فِي الْعِمَارَةِ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا تَزْدَادُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إنْ وَقَفَ دَارًا عَلَى سُكْنَى وَلَدِهِ فَالْعِمَارَةُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ صَاحِبُ السُّكْنَى مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَمَا كَانَ مِنْ الْعِمَارَةِ شَيْئًا قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْوَقْفَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَيُقَالُ لِوَرَثَتِهِ: ارْفَعُوا بِنَاءَكُمْ فَإِنْ رَفَعُوهُ وَإِلَّا يُجْبَرُوا وَإِنْ مَلَكُوهُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ جَازَ بِتَرَاضِيهِمْ وَإِنْ أَبَى أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَا لَا يَكُونُ شَيْئًا قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ السُّكْنَى آزَرَ حِيطَانَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ بِالْآجُرِّ وَجَصَّصَهَا أَوْ أَدْخَلَ فِيهَا أَجْذَاعًا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِضَرَرٍ بِالْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ السُّكْنَى بَعْدَهُ: اضْمَنْ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَلَك السُّكْنَى فَإِنْ أَبَى أُجِّرَتْ الدَّارُ وَصُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَإِذَا دُفِعَتْ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ أُعِيدَتْ السُّكْنَى إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّكْنَى أَنْ يَرْضَى بِقَلْعِ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ وَآلَتِهِ صَرَفَهُ الْحَاكِمُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى عِمَارَتِهِ فَيَصْرِفُهُ فِيهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَبِيعُ وَيَصْرِفُ ثَمَنَهُ إلَى الْمَرَمَّةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ بَيْنَ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
إذَا سَقَطَ بَعْضُ سُقُوطِ الرِّبَاطِ أَوْ انْهَدَمَ حَائِطُهُ وَأَرَادَ أَرْبَابُ الْوَقْفِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ عِمَارَتِهِ فَحِينَئِذٍ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: يُرْجَعُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
رِبَاطٌ عَلَى بَابِهِ قَنْطَرَةٌ عَلَى نَهْرٍ كَبِيرٍ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالرِّبَاطِ إلَّا بِمُجَاوَزَةِ الْقَنْطَرَةِ وَلَيْسَ لِلْقَنْطَرَةِ غَلَّةٌ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ غَلَّةِ الرِّبَاطِ عَلَى عِمَارَةِ الْقَنْطَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ تُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلرِّبَاطِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ مَرَمَّتَهُ لَا غَيْرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَرَمَّةِ الرِّبَاطِ حَتَّى لَوْ كَانَ الرِّبَاطُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُصْرَفْ الْغَلَّةُ إلَى عِمَارَةِ الْقَنْطَرَةِ لَخَرِبَ الرِّبَاطُ اسْتَحْسَنُوا أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْوَقْفُ عَلَى أَقْرِبَاءِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذُكِرَ فِي مُخْتَصَرِ الْفَتَاوَى وَيَجُوزُ، وَأَفْتَى بِهِ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَهُمْ يُحْصَوْنَ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْحَقُّ لِلْأَغْنِيَاءِ ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْوَقْفُ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ يَجُوزُ وَيَكُونُ لِفُقَرَائِهِمْ دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِغَلَّتِهَا كُلَّ سَنَةٍ أَوْ يَعْتَمِرَ بِهَا عَنِّي أَوْ يَقْضِيَ دَيْنِي، فَهُوَ جَائِزٌ.
وَإِذَا وَقَفَ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ فَقَالَ فِيهَا يُشْتَرَى حِبَابٌ يُصَبُّ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ يُجَهَّزُ بِهَا الْأَرَامِلُ وَالْيَتَامَى أَوْ يُشْتَرَى بِهَا أَكْسِيَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يُتَصَدَّقُ بِهَا كُلَّ سَنَةٍ مَكَانَ ذُنُوبِي الَّتِي فَرَّطْت فِيهَا فَهُوَ جَائِزٌ إذَا جَعَلَ آخِرَهُ مَالًا يَتَأَبَّدُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ كُلَّ سَنَةٍ بِخَمْسَةِ آلَافِ دَرَاهِمَ حَجَّةً وَمَبْلَغُ نَفَقَةِ الْحَجِّ لِلرَّاكِبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ صُرِفَ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَى الْحَجِّ وَالْبَاقِي إلَى الْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْجِهَادِ وَالْعُرَاةِ وَفِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى أَوْ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُشْبِهُهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الْوَقْفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ إذَا قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ أَبَدًا فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَى بَنِي آدَمَ أَوْ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَهُوَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ مَسْأَلَةَ الْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَالَ: الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا تَكُونُ لِلْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى قُرَّاءِ الْقُرْآنِ أَوْ عَلَى الْفُقَهَاءِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَفِي وَقْفِ هِلَالٍ: أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الزَّمْنَى وَالْمُنْقَطِعِ صَحِيحٌ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ قَالَ مَشَايِخُنَا: الْوَقْفُ عَلَى مُعَلِّمِ الْمَسْجِدِ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ فِيهِ لَا يَجُوزُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: يَجُوزُ، قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا وَقَفَ عَلَى طَلَبَةِ عِلْمٍ كُورَةَ كَذَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فُقَرَاءَهُمْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْوَقْفِ: (الْحَاصِلُ) فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مَصْرِفًا فِيهِ تَنْصِيصٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْحَاجَةِ فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانُوا يُحْصَوْنَ أَوْ لَا يُحْصَوْنَ، وَمَتَى ذَكَرَ مَصْرِفًا يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَذَلِكَ صَحِيحٌ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ أَعْيَانِهِمْ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَصِحَّ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَهُوَ بَاطِلٌ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَاجَةِ اسْتِعْمَالًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ لَا بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ كَالْيَتَامَى فَحِينَئِذٍ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَالْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ فِيهِمْ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُصْرَفُ إلَى فُقَرَائِهِمْ دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَيَدْخُلُ الْحَنَفِيُّ إذَا كَانَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ جَعَلَ أَرْضَهُ أَوْ مَنْزِلَهُ وَقْفًا عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ أَوْ إمَامٍ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْوَقْفُ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ فَقِيرًا لَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ فِي صَكِّ الْوَقْفِ: وَقَفْت هَذَا الْمَنْزِلَ عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فَقِيرٍ يَكُونُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَحَلَّةِ، فَإِذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ وَخَوِيَ عَنْ أَهْلِهِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَاوِيجِهِمْ فَيَجُوزُ أَمَّا إذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ فَقِيرٍ فَهُوَ مَجْهُولٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِهِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى مَصَاحِفَ مَوْقُوفَةٍ أَنْ يُصْلَحَ مَا يُدَرَّسُ عَنْهُ قَالَ: الْوَقْفُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَقَفَ عَلَى الصُّوفِيَّةِ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ:

رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى نَفْسِي يَجُوزُ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى الْمُخْتَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى نَفْسِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى عَبْدِي وَعَلَى فُلَانٍ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِحُّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينٍ وَقْفًا صَحِيحًا فَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ الْوَلَدُ الْمَوْجُودُ يَوْمَ وُجُودِ الْغَلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْوَقْفِ أَوْ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا قَوْلُ هِلَالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَعَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْمَسَاكِينِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ فَإِذَا أَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ وَلَدٌ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي دَخَلَ فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْبَنِينَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْخُنْثَى وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْبَنَاتِ لَمْ يَدْخُلْ أَيْضًا؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَا هُوَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ دَخَلَ الْخُنْثَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَثْبُتُ الْحَقُّ لِلْأَوْلَادِ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَعَهُمْ، وَمِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَالَ: وَقَفْت أَرْضِي هَذِهِ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ لَهُ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَلَّةِ فَادَّعَاهُ الْوَاقِفُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ وَلَوْ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَلَّةِ كَانَتْ الْحِصَّةُ مِنْ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتِّهِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يُشْرِكْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ سَاعَةَ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي أَدْرَكَتْ فِيهَا الْغَلَّةُ فَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ يُشَارِكُ الْوَلَدَ الْأَوَّلَ فِي الْغَلَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْمَوْتِ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمَنْكُوحَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ عَاشَ الْوَاقِفُ بَعْدَ وُجُودِ الْغَلَّةِ مِنْ الْوَقْفِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهَا ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ وُجُودِ الْغَلَّةِ لَا حَقَّ لِهَذَا الْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْغَلَّةِ لِتَوَهُّمِ عُلُوقِ هَذَا الْوَلَدِ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ وُجُودِ الْغَلَّةِ فَيُشَارِكُ الْوَلَدُ الْأَوَّلَ.
وَلَوْ كَانَ مَوْتُ الْوَاقِفِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ حِصَّةٌ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي مَعْرِفَةِ الْيَوْمِ الَّذِي يَجِبُ الْحَقُّ فِي الْغَلَّةِ ذَكَرَ هِلَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَارَتْ لِلْغَلَّةِ قِيمَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَضْلُ عَنْ الْمُؤَنِ وَقِيلَ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَارَتْ لَهَا قِيمَةٌ بِحَيْثُ يَفْضُلُ عَنْ الْمُؤَنِ وَالْخَرَاجِ وَالنَّوَائِبِ الْقَاهِرَةِ كَالدَّيْنِ الْوَاجِبِ فِي الْغَلَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ بُخَارَى رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي الْعُورِ وَالْعُمْيَانِ كَانَ الْوَقْفُ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُعْتَبَرُ الْعُورُ وَالْعُمْيُ مِنْ وَلَدِهِ يَوْمَ الْوَقْفِ لَا يَوْمَ الْغَلَّةِ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَصَاغِرِ وَلَدِي كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الصِّغَارِ خَاصَّةً وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ الْوَقْفِ لَا عِنْدَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي الَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْبَصْرَةَ فَالْغَلَّةُ لِسَاكِنِي الْبَصْرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُعْتَبَرُ سَاكِنُو الْبَصْرَةِ يَوْمَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا كَانَ ثَابِتًا بِصِفَةٍ لَا تَزُولُ أَوْ تَزُولُ وَلَكِنَّهَا لَا تَعُودُ بَعْدَ الزَّوَالِ يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ قِيَامُ تِلْكَ الصِّفَةِ وَقْتَ الْوَقْفِ وَإِذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِصِفَةٍ تَزُولُ وَتَعُودُ بَعْدَ الزَّوَالِ يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ قِيَامُ تِلْكَ الصِّفَةِ وَقْتَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى وَلَدِهِ الذُّكُورِ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَلَدَ بِصِفَةٍ لَا تَزُولُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: عَنْ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي، فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُونَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ يَوْمَ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى مَنْ يُسْلِمُ مِنْ وَلَدِي أَوْ عَلَى مَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْ وَلَدِي يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ وَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْوَقْفِ لَا مَنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ مُتَزَوِّجًا يَوْمَ الْوَقْفِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: عَنْ الْفُقَرَاءِ، مِنْ وَلَدِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ مَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقْتَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَنْ افْتَقَرَ مِنْ وَلَدِي قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: تَكُونُ الْغَلَّةُ لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ افْتَقَرَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَدْخُلُ كُلُّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ افْتَقَرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا أَصْلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْ وَلَدِي، يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقْتَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَهَاءِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَانُوا فُقَهَاءَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ تَفَقَّهَ بَعْدَ سِنِينَ لَا يُوقَفُ نَصِيبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ حُصُولِ تِلْكَ الصِّفَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي.
كَانَتْ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ صُلْبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَإِذَا جَازَ هَذَا الْوَقْفُ فَمَا دَامَ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ لَا غَيْرُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْوَقْفِ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ الِابْنِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ الِابْنِ لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ، وَيَكُونُ وَلَدُ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ هِلَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ إلَى الْوَلَدِ لِصُلْبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ عُدِمَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَمَنْ دُونَهُ اشْتَرَكَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ وَمَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ وَوَلَدُ وَلَدِهِ الْمَوْجُودُ يَوْمَ الْوَقْفِ وَمَنْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَيَشْتَرِكُ الْبَطْنَانِ فِي الْغَلَّةِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَسْفَلَ هَذَيْنِ الْبَطْنَيْنِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي ذَكَرَ الْبَطْنَ الثَّالِثَ فَإِنَّهُ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَلَا تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ يَقُولُ: عَلَى وَلَدِي ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي، أَوْ يَقُولُ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَحِينَئِذٍ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْوَاقِفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهَا الْبُطُونُ كُلُّهَا لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ وَلَكِنْ يَكُونُ الْكُلُّ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَادَامَ بَاقِيًا فَإِذَا انْقَرَضَ يَكُونُ لِلثَّانِي فَإِذَا انْقَرَضَ يَكُونُ لِلثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ فَتَشْتَرِكُ هَذِهِ الْبُطُونُ فِي الْقِسْمَةِ وَالْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَانَ نِصْفُ الْغَلَّةِ لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ: هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي، وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَالْوَقْفُ كُلُّهُ لَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ فَانْقَرَضُوا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَقَفَ ضَيْعَتَهُ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ عَلَى وَلَدَيْهِ فَإِذَا انْقَرَضَا فَعَلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَانْقَرَضَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ وَخَلَفَ وَلَدًا يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْوَلَدِ الْبَاقِي وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ الثَّانِي مِنْ وَلَدَيْ الْوَاقِفِ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا إلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الضَّيْعَةُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِي، وَلَيْسَ لَهُ فِي وَلَدِهِ إلَّا مُحْتَاجٌ وَاحِدٌ يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى هَذَا الْمُحْتَاجِ وَالنِّصْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِيَّ وَلَهُ ابْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ وَحُدُوثِهَا كَانَ نِصْفُ الْغَلَّةِ لَهُ وَنِصْفُ الْغَلَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ قَالَ هِلَالٌ: كَانَتْ لَهُمْ الْغَلَّةُ بِالسَّوِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى إخْوَتِي، وَلَهُ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ اشْتَرَكُوا جَمِيعًا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السُّنِّيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ بَنُو فُلَانٍ قَبِيلَةً لَا يُحْصَوْنَ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ جَمِيعًا فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيِّ وَلَيْسَ لَهُ بَنُونَ وَلَهُ بَنَاتٌ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى بَنَاتِي، وَلَهُ بَنُونَ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَنِينَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ.
وَلَوْ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى ابْنٍ لَهُ وَأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَنْ كَانَ وَلَدَ ابْنِهِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَأَوْلَادُ الِابْنَةِ تَدْخُلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ نَاقِلًا عَنْ النَّوَازِلِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَسْلِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ دَخَلَ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ قَرُبُوا أَوَبَعُدُوا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى عِتْرَتِهِ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَثَعْلَبُ: الْعِتْرَةُ الذُّرِّيَّةُ، وَقَالَ الْعَيْنِيُّ: هُمْ الْعَشِيرَةُ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ قَرُبَتْ وِلَادَتُهُ وَمَنْ بَعُدَتْ وَيَسْتَوِي فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ أَحْرَارًا كَانُوا أَوْ مَمْلُوكِينَ، وَحِصَّةُ الْمَمْلُوكِ تَكُونُ لِمَوْلَاهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى نَسْلِي وَذُرِّيَّتِي فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ مِثَالُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي، وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدُ الصُّلْبِ بَعْدَ الْوَقْفِ دَخَلُوا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَا لَوْ قَالُوا: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَنَسْلِي يَدْخُلُ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بِلَفْظِ النَّسْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَنَسْلِهِمْ.
يَدْخُلُ فِيهِ الْمَخْلُوقُونَ مِنْ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ النَّسْلُ مَخْلُوقًا أَمْ لَا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا نَسْلِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَحَدَثَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ دَخَلَ الْأَوْلَادُ الْمَخْلُوقُونَ مِنْهُ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَسَكَتَ.
لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَنَسْلِهِمْ وَنَسْلِ مَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِي.
لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَوْلَادُهُ لِصُلْبِهِ الْحَادِثُونَ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُمْ، فَإِنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَوَالَدُوا.
أَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ قَبْلَ أَنْ وَقَفَ مَاتُوا وَخَلَفُوا أَوْلَادًا لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْوَقْفِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ.
دَخَلُوا فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
إذَا قَالَ فِي صِحَّتِهِ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا.
فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ كُلُّ وَلَدٍ كَانَ لَهُ يَوْمَ وَقَفَ هَذَا الْوَقْفَ وَكُلُّ وَلَدٍ يَحْدُثُ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْوَقْفِ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَالْبَطْنُ الْأَعْلَى وَالْبَطْنُ الْأَسْفَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا إذَا قَالَ فِي وَقْفِهِ: عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى مِنْهُمْ ثُمَّ بِالْبَطْنِ الَّذِي يَلُونَهُمْ، فَإِنْ قَالَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى إلَّا وَاحِدًا كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِهَذَا الْبَاقِي وَحْدَهُ دُونَ الْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَجَاءَتْ الْغَلَّةُ وَالْبَطْنُ الْأَعْلَى ذُكُورٌ وَلَا أُنْثَى مَعَهُمْ أَوْ إنَاثٌ وَلَا ذُكُورَ مَعَهُنَّ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا، وَلَمْ يَقُلْ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، لَكِنْ قَالَ: كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ لِوَلَدِهِ فَالْحُكْمُ قَبْلَ مَوْتِ بَعْضِهِمْ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْغَلَّةَ لِجَمِيعِ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوِيَّةِ فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْقَوْمِ وَعَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلُوا وَعَلَى الَّذِي مَاتَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ مِنْ الْغَلَّةِ كَانَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ وَيَصِيرُ لِوَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ سَهْمُهُ الَّذِي جَعَلَهُ الْوَاقِفُ وَسَهْمُ وَالِدِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى مِنْهُمْ ثُمَّ بِالْبَطْنِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إلَخْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَرَكَ وَلَدًا.
كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا عَلَى أَنْ يُقَدَّمَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى.
وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَوَلَدَ وَلَدٍ وَلَا نَسْلًا وَلَا عَقِبًا كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَرْدُودًا إلَى أَهْلِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فَقُسِمَتْ الْغَلَّةُ سِنِينَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَمَاتَ الْبَعْضُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ وَلَدًا وَوَلَدَ وَلَدٍ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْوَقْفِ وَمَنْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا أَصَابَ الْأَحْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ الْمَوْتَى كَانَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مِنْ تَقْدِيمِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى اعْتِبَارًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ وَإِنَّمَا تَرَكَ وَلَدَ وَلَدٍ فَإِنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْغَلَّةِ لِوَلَدِ وَلَدِهِ وَهُوَ مِنْ الْبَطْنِ الثَّالِثِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ كَذَا شَرَطَ وَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْبَطْنِ الْأَعْلَى عَشْرَةَ أَنْفُسٍ فَمَاتَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَلَمْ يَتْرُكَا وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ هَذَيْنِ اثْنَانِ آخَرَانِ وَلَمْ يَتْرُكَا وَلَدًا أَوْ لَا وَلَدَ وَلَدٍ فَتَنَازَعَتْ الْأَرْبَعَةُ الْبَاقُونَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَوَلَدُ الِاثْنَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ يَوْمَ تَأْتِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْمَيِّتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَكَا أَوْلَادًا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ.
فَمَا أَصَابَ الْأَرْبَعَةَ كَانَ لَهُمْ وَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَكَا أَوْلَادًا كَانَ ذَلِكَ لِأَوْلَادِهِمَا وَسَقَطَ سِهَامُ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْتَى الَّذِينَ لَمْ يَتْرُكُوا أَوْلَادًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَسَمَّاهُمْ فَقَالَ: عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ نَصِيبُ هَذَا الْوَاحِدِ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ دَخَلَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو وَمَنْ حَصَلَ مِنْ أَوْلَادِ عَمْرٍو خَاصَّةً، وَلَوْ قَالَ: عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِمَا.
دَخَلَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو وَدَخَلَ أَوْلَادُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَلَيْسَ لِزَيْدٍ وَلَدٌ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَرَثَةِ زَيْدٍ وَزَيْدٌ حَيٌّ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْفُقَرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ فَالْغَلَّةُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمَوْجُودِينَ عَلَى عَدَدِهِمْ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ سَقَطَ سَهْمُهُ وَكَانَتْ الْغَلَّةُ لِمَنْ كَانَ حَيًّا يَوْمَ تَأْتِي الْغَلَّةُ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَسَاكِينِ وَلَوْ قَالَ: وَلَدُ زَيْدٍ وَهُوَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً لَمْ يَكُنْ لِمَنْ عَدَا هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَلَا لِمَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ نَصِيبٌ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِوَلَدِي الصُّلْبِيِّ.
فَتَجْرِي غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ فَإِنَّهُ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ عَلَى مَا شَرَطَ ثُمَّ تَكُونُ عَلَى الْمَسَاكِينِ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: غَلَّةُ صَدَاقَتِي هَذِهِ لِلْمَسَاكِينِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، وَقَالَ مَعَ هَذَا: وَعَلَى أَنْ تَجْرِيَ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَى قَرَابَتِي مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّ غَلَّةَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَكُونُ لِقَرَابَتِهِ أَبَدًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَكُونَ غَلَّتُهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَلِوَلَدِ زَيْدٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَبَدًا مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَهِيَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ وَلَدِ زَيْدٍ وَعَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ وَلَدُ زَيْدٍ خَمْسَةً تُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ ثُمَّ مَاتَ فَالْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ، عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ يَجُوزُ، لَكِنْ لَا يَكُونُ الْكُلُّ لَهُمْ مَا دَامَ وَلَدُ الصُّلْبِ حَيًّا فَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ فَهُوَ لَهُمْ وَقْفٌ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا، فَإِنْ مَاتَ وَلَدُ بَعْضِ وَلَدِ الصُّلْبِ فَالْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى الْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي وَقْفِ هِلَالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَفَ عَلَى بَعْضِ أَوْلَادِهِ وَذَكَرَ فِيهِ وَقْفٌ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فِي الْأَصَحِّ وَلَا يَجْعَلُهُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى التَّأْبِيدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ.